قالت منظمة العفو الدولية إن الحكومة الباكستانية يجب أن تفرض المساءلة فوراً على ارتكاب عمليات القتل والاختطاف المخيفة العدد التي اقتُرفت في بلوشستان في الأشهر الأخيرة والتي تُعزى إلى القوات الحكومية.
كما دعت منظمة العفو الدولية الجماعات المسلحة البلوشية إلى تجنب شن الهجمات التي تستهدف المدنيين أو تعرض حياتهم للخطر، في مجرى الهجمات المتصاعدة على العاملين التابعين للحكومة وسكان الإقليم من غير البلوش.
وبحسب المعلومات التي جمعتها منظمة العفو الدولية، فإن ما لا يقل عن 90 ناشطاً وصحفياً ومحامياً اختفوا أو قُتلوا في الأشهر الأربعة الأخيرة، وقد ذهب العديد منهم ضحايا لعمليات "أُقتل وادفن". وتمت استعادة جثثهم الممزقة بالرصاص، والتي ظهرت على معظمها آثار التعذيب، من شتى أنحاء بلوشستان.
وقال سام زريفي، مدير برنامج آسيا والمحيط الهادئ في منظمة العفو الدولية: "إن كل شهر، منذ أكتوبر/تشرين الأول، شهد حالات اختفاء وقتل غير قانوني مزعومة. وإن هذه الفظائع الرهيبة تُرتكب بحصانة تامة من العقاب. وذكر أن إجراء تحقيقات ذات صدقية في هذه الحوادث- بحيث تفضي إلى محاكمات- أمر ضروري للغاية من أجل إرساء شيء من الثقة بين الشعب البلوشي والحكومة الباكستانية."
ويضع أقرباء الضحايا والجماعات البلوشية المسؤولية عن حوادث "أقتل وادفن" على عاتق قوات الأمن الباكستانية، ولا سيما فيلق الحدود وأجهزة الاستخبارات. وقد اختُطف العديد من الضحايا على أيدي جنود فيلق الحدود الذين كانوا يرتدون الزي الرسمي، والذين كانوا كثيراً ما يرافقون رجالاً يرتدون ملابس مدنية، أمام شهود عديدين.
وتنفي قوات الأمن تلك التهم، مدعيةً أن الوفيات وقعت نتيجة للمنافسة بين الجماعات البلوشية المسلحة.
وأضاف زريفي يقول: "لقد تم تجاهل أزمة حقوق الإنسان في بلوشستان إلى حد كبير، حتى داخل باكستان نفسها، مع أن آلاف الأشخاص لا يعانون من الحرمان الشديد فحسب، وإنما من التمييز وانعدام الأمن وانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق هائل."
ومضى يقول: "إن انتهاكات حقوق الإنسان التي تُعزى إلى أجهزة الأمن خلقت مناخاً من الخوف لدى أفراد عائلات المختفين، فهم يشعرون بالرعب من الجهر بالكلام خوفاً من التعرض للانتقام وقيام عملاء الأمن بقتل أحبائهم أو اختطاف آخرين من أفراد تلك العائلات."
كما تورطت جماعات بلوشية مسلحة في موجة من عمليات القتل المستهدف للمدنيين من غير البلوش ولموظفين حكوميين، بينهم معلمون في مؤسسات تربوية حكومية. وقد فرَّ مئات المعلمين من الإقليم نتيجة لعمليات القتل هذه، مما أوصل نظام التعليم إلى نقطة الانهيار.
وادعت جماعات بلوشية مسلحة مسؤوليتها عن سلسلة من التفجيرات التي استهدفت البنية التحتية للغاز، مما تسبب بنقص هائل في الوقود المستخدم للطبخ والتدفئة في شتى أنحاء الإقليم خلال أشد فصول السنة برداً. كما ازدادت عمليات القتل الطائفي، وزعمت طائفة "هزارا" الشيعية في بلوشستان أن مسلحي طالبان والمتطرفين السنة قتلوا مئات منهم منذ عام 2004.
"كما يتعين على الجماعات المسلحة البلوشية أن تتجنب تعريض المدنيين للخطر. فقد أدى استهداف المدنيين الواضح، ومنهم معلمون وموظفون حكوميون، من قبل جماعات بلوشية، أرغم العديد منهم على الفرار من الإقليم، وهو ما يزيد الأوضاع سوءاً لشعب بلوشستان الذي يفتقر إلى الخدمات أصلاً."
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، حاولت الحكومة الباكستانية معالجة تظلمات البلوش القديمة العهد بشأن الحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وانتهاكات حقوق الإنسان، بسن حزمة من القوانين سُميت "بداية حقوق بلوشستان". بيد أنه وفقاً لتقرير صدر مؤخراً في صحيفة "الفجر"، فإنه لم يُنفذ حتى الآن سوى ربع تلك التدابير المقترحة.
إن منظمة العفو الدولية تدعو الحكومة الباكستانية إلى:
التحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة، بما فيها جميع حالات "الاختفاء" المسجلة لدى لجنة التحقيق القضائية في حالات الأشخاص المفقودين؛
تقديم جميع مرتكبي الانتهاكات إلى العدالة، سواء كانوا ينتمون إلى قوات الأمن أو الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة؛
ضمان حصول جميع الأشخاص الذين يتم تقديمهم إلى العدالة على محاكمة عادلة، وعدم تعرضهم للتعذيب أو غيره من ضروب إساءة المعاملة في الحجز.
وقال سام زريفي إنه "يتعين على حلفاء باكستان الأجانب ضمان عدم ارتباط المساعدات العسكرية بانتهاكات حقوق الإنسان في بلوشستان."
"وتدعو منظمة العفو الدولية الولايات المتحدة والصين، بصفتهما من حلفاء باكستان الأكثر أهمية، إلى ضمان عدم استخدام دعمهما لقوات الأمن في بلوشستان لمساعدة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان."
إن لبلوشستان تاريخاً طويلاً من الاضطرابات المدنية والمسلحة منذ إنشاء باكستان في عام 1947 ، حيث ظلت الجماعات العرقية البلوشية تدعو إلى مزيد من الحكم الذاتي ضمن الدولة أو الانفصال التام عنها.
وتحتوي بلوشستان على أكبر مصدر لاحتياطي الطاقة المحلي في باكستان، ولكن الجماعات البلوشية تقول إن هذه الموارد تعود بالنفع على الأقاليم والجماعات العرقية الأخرى بشكل غير متناسب.
ويظل الشعب البلوشي أحد أشد الجماعات العرقية فقراً في باكستان، حيث يشهد أدنى معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة ومعدلات العمل ومتوسط العمر المتوقع .
المصدر : منظمة العفو الدولية - يتعين على الحكومة الباكستانية فرض المساءلة على الفظائع المتزايدة في بلوشستان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق